فضاء حر

أزمة مأرب في يد طرفين

يمنات
الحل في أزمة “مأرب” يملكه، حصريا، طرفان اثنان: الإصلاح والحوثيين .. و مصلحة الطرفين، و مصلحة البلاد، أن يتفقا بجدية على تمكين الدولة في مأرب، جديا و عبر وزير الدفاع و ليس شكليا أو عبر أي من الحلفاء العسكريين والقبليين للطرفين.
على الحوثيين أن لا يغامروا بالدخول في معركة تبدو معقدة بشكل مختلف عن كل معاركهم السابقة، وحتى لو كان احتمال أن يصلوا إلى الحسم لمصلحتهم هو تسعون بالمائة، مقابل عشرة بالمائة لاحتمال الغرق في رمال الصحراء؛ فإن في ذلك ما يستدعي أن يتراجعوا وأن لا يتورطوا، وأن يذهبوا إلى خيارات بديلة لتضييق الخناق على القاعدة في المحافظة، وثمة بالتأكيد أكثر من خيار بديل.
وعلى الإصلاحيين أن يتعقلوا، فمعركة مأرب لن تكون مشابهة لكل المعارك السابقة أيضا بالنسبة لهم .. فهي معركة لا أتوقع أن “مأرب” ستكون ساحتها الوحيدة:
ذلك أن “الحوثيين” إذا غرقوا في رمال المحافظة بعد أن يدخلوها، أو إذا لم يدخلوها منذ الآن وسقطت معسكراتها وحقولها، كما يتخوفون، في يد الإصلاح والقاعدة، لتصبح شبيهة بإحدى الإقطاعيات النفطية التي تسيطر عليها التنظيمات الإسلامية المقاتلة في سوريا؛ فإن ذلك، وفي الحالتين، سيعكس نفسه على الوضع بين الحوثيين والإصلاح في بقية المحافظات وفي مقدمتها صنعاء، أي أن العاصمة، على الأرجح، ستتغير كل الوقائع القائمة فيها الآن .. وعلى رأسها واقع التعايش الهش بين مليشيا الحوثيين المسيطرة وبين التجمع اليمني للإصلاح وقياداته .. وبما قد يفضي إلى تكرار التجربة “السيسية” مع الإخوان، في اليمن ولكن بطريقة مختلفة .. وحينها لن يجدي الإصلاح أن يتحول إلى مجرد مليشيا محاصرة في مأرب، كما لن يكون في مصلحة اليمنيين أن يسقط التعايش بين أقوى قوتين دينيتين في البلد بهذا الشكل المؤسف.
ليس مطلوبا من الإصلاح تسليم مأرب للحوثيين، بل تسليم القاعدة للدولة، أو رفع الغطاء عن عناصرها وتجمعاتهم على الأقل، وليظل المحافظ حتى إصلاحيا بعد ذلك، إذ ليس كل ما يطالب به الحوثيون قرآنا أو قضاءا وقدرا.
وبالمقابل ليس مطلوبا من الحوثيين أن يتركوا أنفسهم عرضة للموت الذي تصدره القاعدة من جزرها المتناثرة داخل مأرب (علما أن مأرب، وقبائلها، بالفعل ليست قاعدة إلا ما كان منها في سهم الإصلاح ومحسن)؛ ولكن عليهم تسليم مهمة “مأرب” تحديدا إلى الدولة، والضغط على الدولة للقيام بمهامها كاملة ودون تلكؤ .. إنهم قادرون على الضغط على جميع القوى في العاصمة للقيام بواجبها ناحية قاعدة “مأرب”، أو أن تستقيل من الحكم ومن السياسة، فلماذا يغفلون هذه القدرة ويذهبون للتكفل بأمر الحرب، وكُلفتها، بأنفسهم؟!!
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى